مشكلات الشباب
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصّلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
- إن الحديث عن مشكلات الشباب حديثٌ عن محور المشكلات الاجتماعية كلها.. حيث لا يدب النمو السليم في كيان المجتمع إلا حيث يكون شبابه في عافية من كل سوء وانحراف..؛ إذ الشباب هو مجموعة طاقات طامحة، فإن وجهت نحو الاستقامة والخير تهيأ للأمّة أيضاً خير كبير.. وإن تركت لتتجه نحو الانحراف والبغي، تهيأ للأمة كلها من هذه الطاقات شرٌ وبيل...
- إن المشكلة إذن ليست في عقول الشباب ولا في نفوسهم فهم بمثابة جهاز حساس يرتسم عليه كل ما قد يكمن في المجتمع الذي هم فيه من مظاهر الفوضى والتخلخل والاضطراب.. ولو كان الكهول والشيوخ يتمتعون بمثل هذه الحساسية التي عند الشباب لاشتركوا معهم في معاناة المشكلات ذاتها.
وإن الإنسان إنما يخوض معترك الحياة بسلاح من الطاقة العقلية والنفسية، وهكذا فإن شخصية الشاب الفكرية والنفسية إنما يتكامل معظم نسيجها عن طريق المجتمع بوساطة عوامل تؤثر فيه، فيكون الشاب حينئذ أدق لوحة تنعكس عليها حالة المجتمع الذي هو فيه إن خيراً فخير وإن شراً فشر..
- ومن هذه المشكلات:
البطالة والعمل:
ومن العوامل الأساسية التي تؤدي إلى انحراف الشبان: انتشار البطالة بين أفراد الأمة، وطبقات المجتمع، فالأب الذي له زوجة وأولاد ولم تتيسر له سبل العمل، ولم يجد من المال ما يسد به جوعة أهله وأولاده وحاجاتهم الضرورية، فإن الأسرة بأفرادها ستتعرض للتشرد والضياع، وإن الأولاد سيدرجون نحو الانحراف، ورُبَّما فكر رب الأسرة مع أولاده بالحصول على المال عن طريق الحرام، والإسلام بسنِه مبادئ العدالة الاجتماعية، ورعايته حق الفرد قد عالج البطالة بأنواعها...
- وأما علاجه لبطالة المضطر الذي لا حيلة له في إيجاد العمل مع رغبته فيه فيتحقق بشيئين:
وجوب تكفل الدولة له في تأمين سبل العمل.
ووجوب مساعدة المجتمع له حتى يجد سبل العمل..
- وأما علاجه لبطالة الكسول الذي يكره العمل مع وجوده وقدرته عليه فيكون بمراقبة الأهل والدولة له. فإن شعروا بأنه قصر عن العمل وقعد عنه نصحوه ووجهوه إلى ما فيه خيره ومنفعته، فإن أبى ساقوه إلى العلم بالقوة وألزموه به..
- وعن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول: اللهم ارزقني وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، يا معشر الفقراء استبقوا الخيرات، ولا تكونوا عيالاً على المسلمين" والذي يفهم من كلام عمر رضي الله عنه؛ أن الزكاة في الإسلام لا تعطى إلا لسدّ الحاجة، وتأمين سبل العمل، حتى لا تكون مدعاة للكسل، وسبباً للقعود والتواكل..
أما إذا كان العجز أو الشيخوخة أو المرض سبباً للبطالة، فعلى الدولة أن ترعى حق هؤلاء وتؤمّن لهم سبل العيش الأفضل.
هذه هي معالجة الإسلام للبطالة، وهي معالجة حكيمة ورحيمة وعادلة.. وهذا يدل على أن الإسلام دين الرحمة والإنسانية والعدالة..